العدّه و هی تربصٌ یلزم المرأه عند زوال النکاح أو شبهته من الأمور التی تکفّلت الشریعه الإسلامیه ببیانها بیاناً وافیاً فی القرآن الکریم و السنه الشریفه. و مدّه هذا التربص کما هو معروف فی الفقه الإسلامی وضع الحمل إن کانت المرأه حاملاً أو ثلاثه قروء إذا کانت من الآتی یحضن أو ثلاثه أشهر إن کانت من الآتی یئسن من المحیض أو اربعه أشهر و عشراً اذا کانت من المتوفی عنها زوجها و هذه العدّه تکون بعد الدخول أو ما یقوم مقامه من الخلوه الصحیحه کما فی مذهب الأحناف امّا قبل الدخول فلیس علی المرأه عدّه اذا فسخ النکاح أو حصل الطلاق إلا أن یتوفی عنها زوجها فعندئذٍ تتربص عده الوفاه احتراماً لحق زوجها و لو لم تحصل بینهما المعاشره الجنسیه. امّا عدّه الزانیه و هی التی مارست المعاشره الجنسیه المحرّمه محل خلاف بین الفقهاء. فمنهم من ذهب إلی عدم وجوب العدّه و استدلّ ببعض الأدله من السنه النبویه و الآثار المرویه عن الصحابه و منهم من ذهب إلی وجوب العدّه و استدل بعموم الأدله الوارده فی النساء المنکوحات و منهم من خالف الفریقین و ذهب إلی وجوب الإستبراء علی الزانیه بحیضه واحده لأنّها لیست زوجه و عموم الأدله الوارده فی العدّه لا تشملها و هذه الرأی هو الذی تبیّن أنّه الصحیح بعد مناقشه أدله القولین الأخریین من الوجوب و عدم الوجوب کما هو واضح فی اثناء المقال الذی قمت بتقسیمه إلی ثلاثه مباحث أساسیه. المبحث الأوّل تکلمت فیه عن مفهوم العدّه و الإستبراء و الجمع و الفرق بینهما امّا فی المبحث الثانی فقد قمت بعرض الآراء مع أدلتها و فی المبحث الثالث فقد ناقشت أدله الأقوال و بینت الرأی الراجح منها.