یعد الإمام الشافعی رحمه الله واضع علم الأصول و مؤسس خطواته و مناهجه. فالإمام الشافعی استخرج القواعد الفقهیه و الضوابط الأصولیه، و کتبه تعد أول المؤلفات فی هذا المجال، و منها کتاب الرساله الذی أصل فیه الأصول و مهد القواعد. و طبیعی أن تکون اللغه عند الإمام الشافعی لها مفهومها الخاص و خصائصها و دلالاتها؛ فهو یری أن جهل الناس و اختلافهم لیس إلا لترکهم لسان العرب و میلهم إلی لسان أرسطاطالیس؛ و لم ینزل القرآن و لا أتت السنه إلا علی مصطلح العرب و مذاهبهم فی المحاوره و التخاطب و الإحتجاج و الاستدلال لا علی مصطلح الیونان، و لکل قوم لغه و اصطلاح. فالإمام الشافعی علی هذا الأساس وضع القواعد الأصولیه و تناول خصائص اللغه العربیه، فبحث عن العموم و الخصوص و الترادف و المشترک اللفظی و الحقیقه و المجاز و طرق کشف الدلاله و غیرها. و الباحث فی هذا المقال یبحث عن مفهوم اللغه عند الإمام الشافعی و کیفیه ارتباط اللفظ بالمعنی عنده، کما یبحث عن دور اللغه فی تأسیس أصول الفقه کعلم مستقل له مناهجه و نظمه. فقد وصل ارتباط اللغه بالدلاله علی ید الإمام الشافعی مبلغا یکاد یقرب من النضج و إن لم یصل إلی مرتبه التقسیمات و الحدود المنطقیه، التی وصل إلیها الأصولیون من بعد الشافعی و التی خلطوا فیها بین الدراسه اللغویه و المنطقیه.